للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت وفاة ابن الأنباريّ هذا في سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة في خلافة الراضي بالله عن نيّف وستين سنة.

محمد بن عمر، أبو عبد الله الواقديّ (١).

من أهل المدينة، قدم بغداد وولي القضاء للمأمون أربع سنين. وكان عالما بالمغازي والسّير والفتوح، واختلاف الناس في الحديث وأحكامهم، وإجماعهم على ما أجمعوا عليه، وكان عظيم القدر في كثرة الرّواية والتصنيف لفنون العلم، جوادا، وقدره عند أهل المدينة عظيم، وكان أحفظ الناس لكلّ شيء إلا القرآن، فإنه لم يكن يحفظه (٢).

وكان عليه دين وطولب به، فكتب إلى المأمون رقعة يسأله قضاء دينه، فكتب على رقعته: فيك خلّتان: السخاء والحياء، أمّا السخاء، فهو الذي أطلق على ما ملكته، وأمّا الحياء فهو الذي منعك من إعلامنا ما أنت عليه، وقد أمرنا لك بكذا وكذا، فإن كنّا أصبنا إرادتك في بسط يدك، وإلاّ فخزائن الله مفتوحة، وأنت كنت حدّثتني عن الزّهريّ، عن أنس، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال للزّبير: «يا زبير، باب الرّزق مفتوح، بإزاء العرش، ينزل الله إلى العباد على قدر نفقاتهم، فمن قلّل قلّل له، ومن كثّر كثّر له» (٣). فقال الواقدي: وكنت نسيت هذا الحديث، فكان إذكاره إياي به أحبّ إليّ من جائزته، وكانت الجازية (٤) مائة ألف درهم (٥).


(١) تكررت ترجمته في ورقة ٢٥ من الدر الثمين مخ. تنظر ترجمته في: طبقات ابن سعد:٣٣٤، والفهرست:١٥٧، وتاريخ بغداد:٣/ ٣، ومعجم الأدباء:٢٥٩٥، ووفيات الأعيان:٤/ ٣٤٨، والسير:٩/ ٣٦٣، وميزان الاعتدال:٣/ ٦٦٢، والوافي بالوفيات:٤/ ٢٣٨، وتهذيب التهذيب:٩/ ٣٦٣.
(٢) الخبر في تاريخ بغداد:٣/ ٧.
(٣) رواه الديلمي عن أنس بلفظ: «باب الرزق مفتوح إلى باب العرش ينزل الله إلى عباده أرزاقهم. . .» الحديث. كنز العمال: كتاب الزكاة/قسم الأقوال رقم الحديث ١٦١٢٤.٦/ ١٦١.
(٤) الجازية: اسم للمصدر كالعافية وهي الجزاء يكون ثوابا ويكون عقابا. اللسان: جزي.
(٥) النص في تاريخ بغداد:٣/ ١٩، وفي معجم الأدباء:٢٥٩٦ - ٢٥٩٧.

<<  <   >  >>