للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظريفا شاعرا (١).

قال محمد بن رويم: كنّا عند داود الظاهريّ إذ دخل عليه ابنه محمد يبكي، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: الصّبيان قد لقّبوني عصفور الشّوك! فضحك وقال: الألقاب تنزل من السماء، ما أنت يا بنيّ إلا عصفور الشّوك! فقال له: أنت أشدّ عليّ من الصّبيان (٢).

وكان صغير الجثة جدّا، لطيف الخلقة. تناظر يوما مع أبي العباس ابن سريج فانتحاه (٣)، فقال له ابن سريج: أبلعني ريقي، فقال: قد أبلعتك دجلة، ففتح له كمّه وقال له: ادخل، استصغارا له. فقال ابن داود: ما نجى من نطقه رجل واحد أكبر قدرا منّي، فأسكته.

وكان فصيحا، جلس في حلقة أبيه بعد موته فسأله رجل عن حدّ السّكر، فقال: إذا عزبت عنه الهموم، وباح بسرّه المكتوم (٤).

وجاءته امرأة، فقالت له: ما تقول في رجل له زوج لا يقدر على /٤٥/ نفقتها؟ فقال: يؤمر بالإنفاق، ولا يحمل على الطلاق، فلم تفهم قوله، فأعادت مسألتها فقال لها: يا هذه، قد أجبتك عن مسألتك، وأرشدتك إلى طلبتك، ولست بسلطان فأمضي، ولا قاض فأقضي، ولا زوج فأرضي، انصر في رحمك الله (٥). وله مع محمد بن جامع الصّيدلانيّ (٦)، الذي صنّف كتاب الزّهرة من أجله، أخبار مستحسنة، قد ذكرتها في كتاب ترويح القلوب في شرح حال المحبّ والمحبوب. ومن شعره قوله: [مجزوء الكامل]


(١) في تاريخ بغداد:٥/ ٢٥٦: كان عالما أديبا، شاعرا ظريفا.
(٢) الخبر في تاريخ بغداد:٥/ ٢٥٦.
(٣) انتحاه، أي: اعتمده بالكلام وقصده. اللسان: نحا.
(٤) الخبر في معجم الأدباء:٢٥٢٧، وفي وفيات الأعيان:٤/ ٢٥٩.
(٥) الخبر في تاريخ بغداد:٥/ ٢٥٧.
(٦) محمد بن جامع وقيل وهب بن جامع بن وهب العطار الصيدلاني أحبه ابن داود وشغف به له معه حكايات مستحسنة. ترجمته في: تاريخ بغداد:٥/ ٢٦٨، والمنتظم: ٦/ ٩٣، والوافي بالوفيات:٢٨/ ٢١.

<<  <   >  >>