للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحد الأئمة المشهورين، والمصنّفين المكثرين، والحفّاظ المبرّزين، ومن ختم به ديوان المحدّثين. [٦٦] سمع ببغداد والبصرة، وأصبهان، والرّيّ، والدّينور، والكوفة، ورحل إلى نيسابور، ودخل دمشق حاجّا.

وكان مولده لستّ بقين من جمادى الآخرة من سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة.

وكان قد حجّ وسأل الله تعالى لمّا شرب من ماء زمزم ثلاثة أشياء: أن يعود إلى بغداد ووالدته في الحياة، وأن يؤذن له أن يروي «تاريخه» في جامع المنصور، وأن يدفن إلى جنب بشر الحافي، فقدّر الله تعالى أن قدم بغداد وأمّه في الحياة، ثم ماتت بعد ذلك بأيام.

واتّفق أن عرض قوم من اليهود على القائم بأمر الله كتابا زعموا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم سوّغهم (١) موضعا بالحجاز، وأنه بخطّ عليّ عليه السلام، وفيه شهادة جماعة من الصّحابة، فأبرزه الخليفة القائم بأمر الله إلى الوزير رئيس الرؤساء، وقال له: تعرّف صحة ذلك، فأراه جماعة من أهل العلم، فلم يعلموا حقيقة الحال فيه، فنبّه على الفقيه الخطيب أحمد بن ثابت، فأحضره وأراه إياه، فنظر فيه فقال: هذا مزوّر على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقيل له: كيف عرفت ذلك؟ فقال: لأنّ فيه شهادة معاوية بن أبي سفيان، وتاريخ الشّهادة سنة سبع، ومعاوية لم يكن أسلم في تلك السنة، فاستحسن ذلك منه. فسأل حينئذ أن يؤذن في قراءة «تاريخه» بجامع المنصور فأذن له، فرواه في الجامع.

ولمّا مات دفن إلى جنب قبر بشر.

ووجد له ستة وخمسون مصنّفا (٢) كلّها مفيدة، منها: كتاب تاريخ


= ١٨/ ٢٧٠، والوافي بالوفيات:٧/ ١٩٠، والنجوم الزاهرة:٥/ ٨٧، وهدية العارفين: ١/ ٧٩.
(١) سوّغته له أي: جوّزته. اللسان: سوغ.
(٢) نيفت كتبه على مائة مصنف. وقد استطاع يوسف العش أن يحصي له ٧٩ مصنفا في كتاب نشره بعنوان: الخطيب البغدادي مؤرخ بغداد ومحدثها.

<<  <   >  >>