للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن يصحب الأيّام تسعين حجّة ... يغيّرنه والدّهر لا يتغيّر

لعمري، لئن أصبحت أمشي مقيّدا ... لما كنت أمشي مطلقا قبل أكثر

وعيّن محمد بن عبد الله بن طاهر ثعلبا لتأديب ولده، وأفرد له حجرة في داره، وكان يجيء في كلّ يوم ويقعد أربع ساعات ثم يمضي وقت الغداء، فنمي ذلك إليه، وأجرى له الجرايات الوافرة، فبقي على ذلك ثلاث عشرة سنة، وله من المشاهرة في كلّ شهر ألف درهم، فجمع من ذلك مالا كثيرا (١).

قال محمد بن عبد الملك التاريخيّ (٢) في كتاب النّحويّين: كان أحمد بن يحيى ثعلب فاروق النّحويّين، وأصدقهم لسانا، وأعظمهم شأنا، وأبعدهم ذكرا، وأرفعهم قدرا، وأصحّهم علما، وأوسعهم حلما، وأتقنهم حفظا، وأوفرهم حظّا من الدّين والدنيا (٣).

وكان يبخل ويضيّق على أهله في النفقة.

وعرض له صمم في آخر عمره، وتجاوز التسعين، وصدمته دابة من ورائه لم يسمع وقع حافره، فرماه فشوّشه، وتعقّب ذاك موته.

قال التاريخي: يقول أهل الكوفة: لنا ثلاثة فقهاء في نسق لم ير الناس مثلهم: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن. وثلاثة نحويّين كذلك، وهم: عليّ بن حمزة الكسائيّ، ويحيى بن زياد الفرّاء، وأحمد بن يحيى ثعلب (٤).

ومات أبو العباس ثعلب في جمادي الأولى من سنة إحدى وتسعين ومائتين في خلافة المكتفي، وقد بلغ تسعين سنة وأشهرا، ورأى أحد


(١) الخبر في معجم الأدباء:٥٤٥، وفي إنباه الرواة:١/ ١٧٢.
(٢) أبو بكر محمد بن عبد الملك التاريخي السراج من أهل بغداد كان أديبا فاضلا حسن الأخبار مليح الروايات، لقب بالتاريخي لأنه كان يعنى بالتواريخ وجمعها. ترجمته في: أنساب السمعاني:١/ ٤٦٥.
(٣) الخبر في تاريخ بغداد:٥/ ٢٠٩، وفي معجم الأدباء:٥٥١، وفي إنباه الرواة: ١/ ١٧٦.
(٤) الخبر في معجم الأدباء:٥٥٢.

<<  <   >  >>