للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكلام في الأصول. طوّف الآفاق، ودخل العراق، وقرأ علم العربيّة على أبي عليّ الفارسيّ، وأبي سعيد السّيرافي، /٧٨/ وسافر إلى الحجاز، وشافه باللّغة العرب العاربة.

وصنّف كتاب الصّحاح (١)، أحسن تصنيفه، وجوّد تأليفه، وقرّب تناوله (٢)، وكتابا في العروض سمّاه عروض الورقة (٣)، وكتاب المقدّمة في النّحو، وقد أخذ عليه في كتاب الصّحاح مآخذ نسب فيها إلى التصحيف، وما أقلّ إنصافهم! فمن ذا الذي ما ساء قطّ؟ ومن له الحسنى فقط! فإنه رحمه الله غلط وأصاب، وأخطأ المرمى وأصاب، كسائر العلماء الذين تقدّموه وتأخّروا عنه، فإني لا أعلم في الدّنيا كتابا سلّم إلى مؤلّفه فيه، ولم يتّبع فيه (٤). وقيل: إنّ السبب فيما وقع في الكتاب من الغلط والتصحيف أنّ الجوهريّ كتبه مسوّدة لم يبيّض منه إلاّ إلى باب الضاد، ثم عن له أن يضع على كتفيه مصراعي باب، وصعد إلى موضع عال، وقال: قد عملت في الدنيا شيئا لم أسبق إليه، وأريد أن أعمل في الآخرة ما لم أسبق إليه، ثم قال: أريد أن أطير، ومدّ يديه بالمصراعين وألقى نفسه، فما وصل إلى الأرض إلا ميتا، فبيّض باقي الكتاب تلميذه أبو إسحاق إبراهيم بن صالح الورّاق، فغلط فيه في مواضع.

قال الأديب ياقوت: وكنت بحثت عن وفاة الجوهريّ، فلم أخبر بها، فقال لي القاضي الأكرم أبو الحسن عليّ بن يوسف القفطي: قد رأيت في المنام قائلا يقول لي: مات إسماعيل بن حمّاد الجوهريّ في سنة ستّ وثمانين وثلاث مائة. قلت: وإن كان المنام ممّا لا يقطع به، إلاّ أن هذا محتمل؛ لأنه قرأ على أبي عليّ الفارسيّ، وأبي سعيد السّيرافي، وماتا قبل هذا بسنين يسيرة.


(١) الكتاب مطبوع.
(٢) في معجم الأدباء: وقرب متناوله.
(٣) الكتاب مطبوع.
(٤) معجم الأدباء:٦٥٧.

<<  <   >  >>