للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبحثوها، فنبّه عليه، فأمر بإحضاره، فلمّا حضر تكلّم فيها بكلام حسن، وأجاب جوابا شافيا، فأعجب به الوزير، وخلع عليه، وأعطاه خمسين دينارا، ففرح بذلك وقال: يا مولانا، قد حضرني بيتان، واستأذنه في إيرادهما، فأذن له، فقال: [الكامل]

ومن العجائب والعجائب جمّة ... شكر بطيء عن ندى متسرّع

ولقد دعوت ندى سواك فلم يجب ... فلأشكرنّ ندى أجاب وما دعي (١)

ثم تعقّب ذلك أنّ الجهة المستعصميّة بناحية الإمام المستضيء بأمر الله نفّذت له أربعين دينارا. ثم صارت تتعاهده بالإنعام والمواصلة بالحلواء وشهيّ الطعام، إلاّ أن ذلك في آخر عمره، حتى كان يقول: لمّا كنت شابّا وقادرا على التلذّذ بالأطعمة الشّهية والحلواء كنت أبصرها حسرة، والآن أيضا همّ أبصره حسرة، لأنّي لا أقدر على أكلها. فالله المستعان.

صدقة بن أبي السّعود التاجر (٢)، صديقنا الملقّب بالعفيف.

عالم بالنّحو واللّغة والطّب. قرأ على شيخنا أبي البقاء النّحويّ (٣) طرفا صالحا من النّحو واللّغة، واشتغل بعلم الطبّ. وأعطاه أبوه ألوفا من العين ليختبره بها في تجارته، فسافر بها إلى آخر خراسان، ثم استوطن خوارزم، فرغب في ابتياع الممالك التّرك والجواري بأوفر الأثمان. وقد عاد من خوارزم قاصدا إلى الشام، فسألته عن سفرته وما أفاده في تجارته فقال: ابتعت جارية ومملوكا بألف وخمس مائة دينار، فأقامت عندي شهورا فجاءت منّي بولد، ثم مات الولد، فأبغضت الجارية وزوّجتها بالمملوك، وكان مشتراه سبع مائة دينار، فأقام معها مديدة فالتحى، فبقي يساوي عشرين دينارا. ثم ابتعت جارية أخرى ومملوكا آخر بالحكاية،


(١) البيتان في معجم الأدباء:١٤٤٨.
(٢) توفي سنة ٦٢٧ هـ‍ ترجمته في: تكملة المنذري:٣/ ٢٥٧، والوافي بالوفيات:١٦/ ٢٩٤.
(٣) محب الدين أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري البغدادي الأزجي الحنبلي الضرير الإمام العلامة النحوي المتوفى سنة ٦١٦ هـ‍. ترجمته في: تاريخ ابن الدبيثي:٣/ ٤٤٨، وإنباه الرواة:٢/ ١١٦، ووفيات الأعيان:٣/ ١٠٠، وسير أعلام النبلاء:٢٢/ ٩١.

<<  <   >  >>