للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الطريق والأسواق وحده، أو مع من لا يستطيع أن يدفع عن نفسه، لم تمتد إليه يد بسوء، ولم يمت إلا على فراشه، وذلك مصداق قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧].

ومن وجوه دلالة القرآن على صدق الرسول - عليه الصلاة والسلام -: ورود معانيه كلها على الوجوه المعقولة، وعدم مخالفتها للعلوم الصحيحة، وإنما كان محمد - صلى الله عليه وسلم - أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ولم يجتمع بذي علم أو فلسفة، فلو لم يكن القرآن من الله حقاً، لوجد في كثير من آياته ما تنكره العقول السليمة، ووجد في كثير من آياته ما يخالف الآراء المسلَّمة أو الراجحة، شأن ما يتكلم به غيره من البشر، وإن لم يكن أمياً. بل ظهر في كثير من آياته معان لم تنكشف لأهل العلم إلا منذ عهد قريب.

فانظر إلى قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [يس: ٣٦]؛ العلم الحديث أن في كل نبات ذكراً وأنثى.

ثم انظر إلى قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [لحجر: ٢٢]؛ فقد ثبت في علم النبات أن الرياح تنقل اللقاح إلى عضو التأنيث من النبات.

واعتبر في قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: ٣ - ٤]، فالآية مسوقة للرد على من أنكر جمع العظام بعد بلاها وتفرقها، على معنى إنكار إعادة الشخص بعينه. ووجه تخصيص البنان بالذكر مطابق لما أثبته العلم من أن لبنان كل إنسان هيئة خاصة لا تماثلها هيئة بنان إنسان آخر من كل وجه.

ومن نظر إلى أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - نشا في أمية، ثم أمعن النظر في قوة أدلة