للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أمر له بعطاء".

وكانت يداه - صلى الله عليه وسلم - مبسوطتين بالبذل في وجوه الخير، ينفق ما يؤتيه الله من مال في إعلاء كلمة الله، ويؤثر به ذوي الحاجات من الفقراء وأبناء السبيل، قال ابن عباس - رضي الله عنه - "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود بالخير من الريح المرسلة" (١).

وكان - صلى الله عليه وسلم - يجمع إلى الجود والسخاء: شجاعة، ورباطة جأش، قال علي- كزم الله وجهه-: "وانا كنا إذا حمي الباس، واحمرت الحدق، اتقينا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه (٢).

وكذلك الداعي إلى الحق، ولا سيما المعهود إليه بابلاغه وتنفيذه: لابد من أن يكون شجاعاً رابط الجأش، على قدر شدة المدعوين، وصعوبة مراسهم، وعلى قدر عظم الحق ومخالمفته لمللهم وعاداتهم وأهوائهم، فإذا أودع الله تعالى قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - وشجاعة وسكينة في مواضع الخطوب، فلا جرم أن يكون نصيبه من هذه المزية أعظم نصيب؛ إذ لا أشد من مراس الأمة التي ابتدأ بإنذارها، وهي الأمة العربية، وفي دعوة الإسلام قضاء على مللهم، وذم لمعبوداتهم، وإبطال كثير من عاداتهم، وصرف لهم عن أهوائهم.

وكان - صلى الله عليه وسلم - مطبوعاً على خلق الحياء الذي علمنا أنه من خلق الإسلام، بقوله: "لكل دين خلق، وخلق الإسلام الحياء" (٣).


(١) "صحيح الإمام البخاري".
(٢) النسائي، والإمام أحمد.
(٣) "الموطأ".