للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أصحابه - صلى الله عليه وسلم - يؤازرونه في الدعوة، كما دعا أبو بكر الصديق عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، فدخلوا الإِسلام بدعوته، وكان علي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق يخرجان معه عندما يخرج إلى دعوة القبائل في المواسم.

أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - داعياً إلى الحق بين كفار قريش ثلاث عشرة سنة، وسبب بطء ظهور الإِسلام بمكة بالنسبة إلى ظهوره بالمدينة: أن كفار قريش كانوا يقاومون الدعوة بأشد ما يملكون من القوة، ويصدون عن سبيلها بألسنتهم وأيديهم.

فمن مقاومتهم لها: أنهم كانوا يكثرون من التهكم والاستهزاء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كقولهم له عندما يقرأ عليهم القرآن: {قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} [فصلت: ٥]. وقولهم عندما يرونه: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} [الفرقان: ٤١]، وكان كبار المستهزئين نفراً من ذوي الوجاهة في قومهم؛ مثل: الأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، وفي هؤلاء وأمثالهم نزل قوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: ٩٥]. وكانوا يتعرضون له بالشتم والهجاء؛ كقولهم: إنه ساحر، أو مجنون، ويصفون القرآن بأنه أساطير الأولين.

ومن مقاومتهم له: أنهم كانوا يتبعون أثره، ويصدون عن قبول دعوته؛ كما كان أبو لهب يتتبعه عندما يقوم بدعوة القبائل في المواسم، ويقول لهم: إن هذا يدعوكم أن تخلعوا اللات والعرى من أعناقكم، إلى ما جاء به


= وبنو النضر، وكندة، وكلب، والحارث بن كعب، وعذرة، والحضارمة. ولم يستجب له من هؤلاء أحد، ومنهم من كان يرد عليه أقبح رد.