للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من البدعة والضلالة، فلا تطيعوه، ولا تسمعوا منه.

ومن مقاومتهم له: تعنتهم في اقتراح المعجزات. قال الله تعالى فيما قصه عنهم: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: ٩٠ - ٩٣] (١).

ومما قاوموا به الدعوة: تعاقدهم علي بني هاشم، وبني عبد المطلب، وبني عبد مناف: أن لا يبايعوهم، ولا ينكحوهم، ولا يكلِّموهم، ولا يجالسوهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكتبوا بذلك صحيفة علَّقوها في سقف الكعبة، واستمروا على هذه المقاطعة نحو ثلاث سنين، حتى رجع بعضهم عن هذا التعاقد، فعادوا إلى نقضه (٢).

ومن أشد ما قاوموا به الدعوة: بسط أيديهم إلى المستضعفين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسومونهم العذاب، مثل: عمار بن ياسر، وأُمه، وبلال بن رباح، بل وصلت أذيتهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوضعوا على ظهره سَلَى جزور (٣) وهو يصلي عند البيت، حتى جاءت فاطمة - رضي الله عنها -، فطرحته عنه، وبلغ من أذية أهل الطائف له عندما ذهب إلى دعوتهم: أن


(١) والرسول لا يأتي قومه إلا بما يظهره الله على يده حسبما تقتضيه الحكمة.
(٢) بعد نقض الصحيفة ببضعة أشهر توفي أبو طالب. وتوفيت خديجة - رضي الله عنها - بعده في تلك السنة.
(٣) السلى: جلدة فيها الولد من الناس والمواشي. الجزور: البعير - "القاموس".