للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصلات الأدبية والقواعد العمرانية أسنى مطلعاً، وأجلى مظهراً.

وتمادى صاحب المقال يخوض في لهو، ويجادل بعنف، ثم عاد فقال: "من كان يبتغي عظمة محمد، فإنما هي كلمة واحدة جاء بها محمد، وفيها كل عظمة يلتمسها الباحثون: لا إله إلا الله".

عظمة المصطفى - صلوات الله عليه - في كلمة واحدة جاء بها، وهي لا إله إلا الله!!!.

إن صاحب المقال يحاول أن يريكم القمر الزاهر في شكل درهم، فدعوه يتحدث عن كرم الخليقة كيف يشاء، واتجهوا في البحث عن عظمة الرسول الأكرم إلى سيرته المشهودة في القرآن والأخبار الثابتة.

من يبتغي عظمة الرجل بحق، فليبحث عنها في ناحية عقله وعلمه، وخلقه وإخلاصه، وعزمه وعمله وحسن بيانه، ولقد كان محمد - صلوات الله عليه- راجح العقل، غزير العلم، عظيم الخلق، خالص الإرادة، صادق العزم، جليل العمل، رائع البيان.

أما رجحان عقله، فمن دلائله - بعد اختصاص الله له بالرسالة -: أنه نشأ بين قوم يعبدون الأصنام، يتنافسون في مظاهر الأبهة والخيلاء، ينحطون في شهواتهم إلى المنزلة السفلى، فلم يكن لهذه البيئة المظلمة من أثر في نفس محمد - صلى الله عليه وسلم - قليل أو كثير، فانتبذ بين هذه الظلمات المتراكمة مكاناً يخلو فيه بنفسه، ويقدح فيه زناد فكره، ويناجي فيه ربه، فإذا نور النبوة يتلألأ بين جنبيه، وحكمة الله تتدفق بين شفتيه.

وأما علمه، فهو ما يزكي النفوس، وينقي الأبصار، ويرفع الأمم إلى ذروة العز والشرف، حتى تحرز الحياة الطيبة في الأولى، والسعادة الباقية في