للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يكون له فيه رأي، ولم يذكر الكاتب مذهباً مشهوراً في الأصول هو أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قد يجتهد في الأحكام الشرعية، بَلْهَ أمورَ الدنيا وأمور الحرب.

ونحن لا نطالب الكاتب في مسألة أن يحكي كل قول جرى فيها، ولا نطالبه في كل رأي أراد إفادته للناس أن ينسبه إلى من سبقه به، ولكنا نؤاخذه بأن يأتي إلى مسألة ذات أقوال، ويعمد إلى القول الذي يراه ضعيفًا، فيخصه بالذكر، ويصب عليه عبارات تزيده ضعفا على ضعفه، ويدع أن يذكر بجانبه القول الذي يرى له وجهًا من الرجحان، ثم يقبل على الناس، ويقرر لهم القول الراجح كأنه ابتكره، أو يقرر لهم رأيًا ابتدعه، على أمل أن يكون لتشويهه الرأي الذي عرضه أولاً أثر في تلقي رأيه بالقبول.

أما اجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإما أن يكون في مصالح الدنيا، وهذا ما لا نزاع فيه، وإما أن يكون في تقرير حكم شرعي، وهذا ما اختلفت فيه أنظار الأصوليين والفقهاء، فمنعته طائفة، منهم: ابن حزم، وأجازته طائفة، بل قالت بوقوعه، وهو المشهور بين أهل العلم، وتوقفت فيه طائفة، منهم: الإمام الغزالي؛ إذ تشابهت عليهم الأدلة، ولم تسفر مناظرة المانعين والمجيزين - فيما تراءى لهم - عن قول حاسم.

ونحن لا نمانع من أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد اجتهد في تقرير بعض الأمور الشرعية، وإنما ننازع في أشياء كثيرة يوردها القائلون باجتهاده في أحكام الشريعة مورد الأدلة، ونراها غير جديرة بأن تساق لتثبيت هذا الأصل العظيم.

ذكر الكاتب: أن الشريعة الإِسلامية جاءت بالاجتهاد، وأن الاجتهاد كان سنة الأنبياء والمرسلين، ذكر هذا، وجعل من مقتضاه أن يكون النبي