للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفطنة والألمعية، أو تطغى الرسالة على البشرية، وتسلبها الاستعداد للتخلق بالأخلاق الفاضلة، أو تطغى الرسالة على البشرية وتسلبها العزم والقدرة على القيام بجلائل الأعمال؟!. فهل لحضرة الكاتب أن يقيم لنا شاهداً على أن هذا الطغيان والسلب من طبيعة الرسالة؟!

فنحن نذهب إلى أن سن الأربعين تساعد الرسالة على تأدية مهمتها، وكاتب المقال يذهب إلى أن سن الأربعين تكف طغيان الرسالة على البشرية، وتجعل خصائص البشرية في أمن من هذا الطغيان.

قال كاتب المقال: "ومن زعم أن رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد غلبت على بشريته، وقضت على لوازمها السامية، فقد تلاقى في رأيه من قريب أو من بعيد بالذين يقولون: {أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: ٩٤].

النبي - صلى الله عليه وسلم - بشر رسول، وللبشرية الراقية لوازم، وللرسالة لوازم، والمعروف أن لوازم البشرية الراقية لا يقع بينها وبين لوازم الرسالة تعارض، فإذا قيل: هذا الوصف من لوازم الرسالة، لم يكن منافياً للبشرية الراقية قطعاً، وإذا قيل: هو من لوازم البشرية الراقية، لم يكن منافياً للرسالة البتة؛ فإذا رأى طائفة أن هذه الصفة، أو أن هذا الحال لم يوجد في الرسول، نظرنا في هذا الأمر الذي نفوه عن الرسول، فإن كان من مقتضيات البشرية الراقية في كل حال، قلنا لهم: قد زعمتم أن رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد طغت على بشريته الراقية، وقفت على لوازمها، وإن كان هذا الذي أبوا أن يثبتوه للرسول لا تقتضيه البشرية الراقية في حال، بل يرجع الأمر فيه إلى اقتضاء المصالح، كان مجال النظر هو أن المصلحة تقتضي أن يكون هذا شأناً من شؤون الرسول، أو لا تقتضي.