للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مالك.

* غزارة علمه:

حدثناك عن قوة حافظته، وثقوب ذهنه، وحرصه في طلب العلم، ومن جمع هذه الثلاث خصال، ولقي كبار العلماء، فسرعان ما يكون علماً شامخًا، وبحرًا زاخرًا، وقد دل ثناء كبار العلماء على مالك أنه كان إماماً في العلم، بالغاً فيه أسنى منزلة.

قال سفيان بن عيينة لما بلغته وفاة مالك: ما ترك على الأرض مثله.

وكان الأوزاعي يقول عندما يذكر مالكاً: هو عالم المدينة، وعالم العلماء، ومفتي الحرمين.

وقال الشافعي: مالك أستاذي، وعنه أخذت العلم، وما من أحد أمنّ عليّ من مالك، وجعلت مالكًا حجة بيني وبين الله، وإذا ذكر العلماء فمالك النجم الثاقب، وقال ابن معين: كان مالك من حجيج الله على خلقه، وقال بشر الحافي: إن من زينة الدنيا أن يقول الرجل حدثنا مالك.

ولا نمضي من هذا الفصل حتى نذكر لك حديثاً يرويه الثقات، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يوشك أن يضرب الناس- أكباد الإبل في طلب العلم (١)، فلا يجدون أعلم (٢) من عالم المدينة"، وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد، والترمذي وحسَّنه، والنسائي، والحاكم في "المستدرك" وصححه. وقد حمل هذا الحديث بعض السلف عن مالك بن أنس. قال سفيان بن عيينة: ترى أن المراد


(١) في رواية: يلتمسون العلم.
(٢) في رواية: أفقه.