للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المقري: "شهدت مجلس أبي تاشفين صاحب تلمسان، فذكر فيه أبو زيد بن الإِمام: أن ابن القاسم مقلّد لمالك، ونازعه أبو موسى بن عمران، وادعى أنه مطلق الاجتهاد، واحتج بمخالفته لمالك في كثير من المسائل، وذكر منها نظائر".

وكذلك استدلّ ابن عبد السلام على أن ابن القاسم مجتهد مطلق بمخالفته للإمام في كثير من الأحكام، وخالفه ابن عرفة، ونفى عنه الاجتهاد المطلق، وقال: إن بضاعة ابن القاسم في الحديث مُزجاة.

والظاهر من سيرة ابن القاسم في الفتوى: أنه يجري في اجتهاده على قواعد مذهب الإمام مالك؛ فإنه كان يقول للمستفتي: سمعت مالكاً يقول كذا، أو بلغني عنه كذا، ومسألتك مثلها، وهذه طريقة مجتهد المذهب.

ولا يخرجه عن مرتبة الاجتهاد في المذهب أنه يخالف الإمام مالكاً في بعض المسائل؛ كما قال فيما كان من شأن الرجل والمرأة من متاع البيت: إنه يقسم بينهما عند التنازع بعد أيمانهما؛ لاشتراكهما في وضع اليد عليه، ومذهب مالك: أنه للرجل حتى تقيم المرأة البينة؛ لأن البيت بيته.

وكما قال فيمن لم يوص به الأب إلى أحد، ولم يقدم عليه الحاكم من ينظر في أمره: إنه ينظر في حاله يوم بيعه وابتياعه، فإن كان رشيداً، جازت أفعاله، وإن كان سفيهاً، لم يجز منها شيء، ومذهب مالك: أن أفعاله كلها بعد البلوغ جائزة نافذة، رشيداً كان أو سفيهاً.

وكما قال فيمن قال لعبده: أنت حر، وعليك مئة دينار: هو حر، ولا يتبع بشيء. ومذهب مالك: أن العبد حر، وتبقى المئة في ذمته.

فأمثال هذه المخالفة محمولة على أنه رأى ما أفتى به الإمام غير جار