للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: ٢٧].

ولما كان الشأن في الحرير، والنقدين - الذهب والفضة - غلاءُ الثمن؛ لنفاستها، وندرتها، منع من استعمالها على التعيين، وميّز النساء في حكمها على الرجال، فأباحها لهن لباساً؛ لاحتياجهن إلى الزينة والتحسين أكثر ما يحتاج الرجال، فالنهي عن استعمال الذهب والفضة ولبس الحرير مبني على رعاية حفظ المال عن التبذير والإنفاق لغير مصلحة، ويحسب كثير من الناس أنها لم تحرم إلا لقهر النفوس، وقطع أعناقها عن الفخر والتباهي، وليس بصحيح، وإلى هذه القاعدة - قاعدة الاقتصاد - ترجع أحكام الحجر على الصبي، ومن لا يحسن التصرف في ماله.

وحرمت الإسلامية من المطاعم ما كان رجساً يعافه الطبع، ويتقذره الذوق؛ كالميتة وما ألحق بها، أو موبقاً للبدن؛ كالسموم وما شاكلها، أو مؤثراً على العقل؛ كالمسكرات، ولا ينازع في قبيح مفسدتها إلا من غرق في سكرة من الجهل والغواية.

يقول أبناء الحانات في إطرائها: تغرس الشجاعة في النفوس، قلنا: في إرغام وجوههم، أما بعد مفارقتها صحواً، فإنكم تعودون إلى سجيتكم الأولى من الخور والجبن، وأما حال استيلائها على عقولكم، فلا حكمة ولا تدبير ولا شجاعة إلا بها.

قالوا: تسلي الهموم، قلنا: وتحل عقدة اللسان، فينثر ما في كنانات القلوب من أسرار تخشون إذاعتها، وتسلية الهموم تثقف العزائم عن مقاومة أسبابها الجالبة لها إن استطاع إليها حيلة، وإلا، فالعقل الصحيح أكبر مجلبة للسلوان، وأعز مدافع لها عند الهجوم.