للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرجال لا تخالطهم. والحجرة: الناحية المنفردة، تقول: رأيت رجلاً يسير من القوم حجرة؛ أي: ناحية منفردة.

فانظر كيف بدا لابن هشام أن يمنع النساء الطواف مع الرجال؛ أخذاً بالقاعدة المعروفة في الشريعة من منع اختلاط النساء بالرجال، ولما أنكر عليه عطاء، لم يقل له: إن اختلاط النساء بالرجال لا حرج فيه، ولكنه استدل بحديث: أن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يطفن مع الرجال، ولما بدا لابن جريج أن طوافهن مع الرجال يقتضي الاختلاط بهم، والاختلاط محظور في الشريعة، قال مستشكلًا الإذن لهن في الطواف مع الرجال: كيف يخالطهن الرجال؟ فلم يقل له ابن جريح: وأي مانع من هذا الاختلاط؟ بل بيّن أنهن يطفن مع الرجال دون أن يخالطنهم.

وليست نصوص الدين وحدها هي التي تسوق الجمهور إلى إنكار اختلاط الطلاب والطالبات، بل المشاهدات والتجارب قد دلتا على أن في هذا الاختلاط فساداً لا يستهان به، ومن أنكر أن يكون لهذا الاختلاط آثار مقبوحة، فإما أن يكون غائبًا عن شؤون المجتمع، لا يرقبها من قريب ولا من بعيد، وإما أن يكون قد نظر إلى هذا الاختلاط وآثاره بعين لم تنبه إلى وجهة استقباحه، ووجوب العمل على قطع دابره.

ومن عمد إلى البلاد التي يباح فيها اختلاط الجنسين، ونظر إلى ما يقع فيها من فساد الأعراض، وقاسه بالفساد الذي يقع في البلاد التي يغلب على رجالها ونسائها أن لا يجتمعوا إلا على وجه مشروع، وجد التفاوت بين الفسادين كبيراً.

بل لا نحتاج في معرفة هذا التفاوت إلى إحصاء مفاسد هذه وتلك؛