للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تأتي "إنَّ" التوكيد الإثبات.

والقياس بهذا المعنى واقع من العرب أنفسهم، ويذكره النحوي تنبيهاً على علة الحكم الثابت عنهم بالنقل الصحيح. وليس هذا الضرب من القياس داخلًا في موضوع هذه المقالات.

ثانيها: أن تعمد إلى اسم وضع لمعنى يشتمل على وصف يدور معه الاسم وجوداً وعدماً، فتعدّي هذا الاسم إلى معنى آخر تحقق فيه ذلك الوصف، وتجعل هذا المعنى من مدلولات ذلك الاسم لغة، ومثال هذا: اسم الخمر عند من يراه موضوعاً للمعتصَر من العنب خاصة، وما وضع للمعتصر من العنب إلا لوصف هو مخامرته للعقل وستره، فإذا وجد عصير من غير العنب يشارك المعتصر من العنب في الشدة المطربة المخمرة للعقل؛ فإن من يقول بصحة هذا القياس يجعل هذا العصير من أفراد الخمر، ويسميه خمراً. تسمية حقيقية لغوية.

وإن شئت مثالاً آخر، فانظر في اسم السارق عند من يقول: إنه موضوع لمن يأخذ مال الأحياء خفية، فإنك تجد من ينبش القبور لأخذ ما على الموتى من أكفان، قد شارك من يأخذ أموال الأحياء في وصف أخذ المال خفية، ومقتضى صحة هذا الضرب من القياس أن تجعل اسم السارق متناولاً للنباش على وجه الحقيقة اللغوية، وتكون هذه الحقيقة قد تقررت من طريق القياس، لا من طريق السماع.

وهذا الضرب من القياس هو الذي ينظر إليه علماء أصول الفقه عند ما يتعرضون لمسالة "هل تثبت اللغة بالقياس؟ (١) ".


(١) من يرى أن القياس في اللغة على هذا الوجه غير صحيح يرى أن الخمر في لسان =