للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحيحة؛ صح لنا أن نعطيها حكم استحوذَ واستصَوب، فنتكنم بها ثقة بأنها كلمة لا شبهة في فصاحتها، ولكنا نرجع بأمثالها إلى حكم القياس. وهو أن مَفاعِل لا تقلب الياء فيه همزًا متى كانت الياء عينًا في بناء مفرده، فإن كان راجعاً إلى النظم، خالفناهم في دعوى خروجه عن القياس، وصح لنا أن نعده فيما يقاس عليه، وننسج على منواله، إن أباه البصريون والكوفيون، فلا نبالي أن نقدم معمول المصدر على المصدر متى كان المعمول ظرفاً أو جاراً أو مجروراً، وإن منعه جماعة من النحاة، فلو قال أحد: رُزق فلان على خصمه الفوز، أو قال: يعجبني أمام السلطان تكلُمك بالحق؛ لقضينا لقوله بالفصاحة؛ إذ له أسوة بقوله تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: ٢]، وقوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} [الصافات: ١٠٢]، ولا نبالي تقديم معمول صلة "أل" على "أل"، متى كان المعمول ظرفاً، أو جاراً، أو مجروراً، وإن منعه كثير من النحاة، فلو قال أحد: إني لزيد من المحبين، لتلقينا قوله بالقبول؛ إذ لم يزد على أن اقتدى بقوله تعالى: {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: ٢٠]، وقوله تعالى: {وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ} [يوسف: ١١].

* القياس على ما لابد من تأويله بخلاف الظاهر:

قد يرد في كلام العرب ضرب من الكلام على وجه شائع، ولا يستقيم المعنى إلا بتخريجه على خلاف ظاهره؛ ومقتضى مذهب فريق من علماء العربية المنعُ من القياس عليه، وإن كان وجه تأويله مما يسعه القياس. ومما يساق شاهداً على هذا: قولهم في المصدر الذي أكثر مجيئه حالاً: إنه مقصور على السماع، مع أنهم يؤولون المصدر باسم الفاعل، أو يقدرون معه مضافاً يصلح أن يكون حالاً؛ فيكون المراد من المصدر نحو "بغتة" في قولهم: