للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للسّلم، ونحو مِرقاة للدرجة، ومن استأنس بإهمال كثير من علماء الصرف لشرط التعدي، واقتصارهم على شرط أن يكون الفعل ثلاثياً، وذهب إلى صحة اشتقاق اسم الآلة من الأفعال اللازمة عند الحاجة، لا نراه ذاهبًا مذهباً بعيداً، فلو وضعت آلة للسَّباحة، وبدا لجماعة أن يسموها مِسبَحة، أو مِسبَحاً، لم يكونوا - فيما نراه - مخطئين.

- مَفعَلَة:

يشتق العرب للمكان الذي يكثر فيه شيء اسماً من ذلك الشيء على وزن مَفْعَلَة، فقالوا: أرض مَأْبَلَة، أي: ذات إبل، ومَأْسَدَة؛ أي: ذات أسود، وَمَسْبَعَة؛ أي: ذات سباع، وَمَبْطَخَة؛ أي: كثيرة البطيخ ومقثأة؛ أي: كثيرة القثاء، وقالوا للأرض كثيرة اللصوص: مَلصَّة، ولكثيرة الرمان: مَرْمَنة، ولكثيرة الخزان (١) مَخَزَّة.

وهذه الصيغة مما اختلف علماء العربية في القياس عليها، فمنهم من وقف به عند حد السماع، مع اعترافه بكثرة ما سمع منه، وفي كتاب "سيبويه" ما هو ظاهر في جواز القياس، فقد قال: في حديثه عن هذا الباب: "وليس في كل شيء يقال إلا أن تقيس شيئاً، وتعلم أن العرب لم تتكلم به". قال صاحب "المحكم" في حكاية كلام "سيبويه"؛ يعني: لم تقل العرب في كل شيء من هذا، فإن قست على ما تكلمت به العرب، كان هذا لفظه.

وممن صرح بصحة القياس فيه مُظهر الدين صاحب "شرح المفصل المسمى بالمكمل" إذ قال: اعلم أنهم إذا أرادوا أن يذكروا كثرة حصول شيء بمكان، وضعوا لها مَفعلة، وهذا قياس مطرد في كل اسم ثلاثي؛ كقولك:


(١) ذكور الأرنب.