للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المانع يراه غير مطابق للأسلوب العري الصحيح، فلا محيص للكافيجي وغيره من إقامة الدليل على صحة هذا التركيب.

* القياس في العوامل:

من البين أن الرافع والناصب للكلمة هو الناطق بها، وما نسميه بالعامل؛ كالفعل والحرف إنما هو أداة يلاحظها المتكلم، وياخذها بمنزلة الوسيلة لتلك الآثار الخاصة من رفع ونصب وخفض وجزم.

ولما لم يكن تأثير هذه العوامل النحوية من قبيل تأثير الأسباب العقلية أو الحسية، وإنما هو بقصد المتكلم إلى جعلها وسيلة للعمل، جاز تأخيرها عن المعمول، واستقام لكل من اللفظين أن يكون عاملاً في صاحبه؛ كأسم الشرط والفعل المجزوم به؛ نحو: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: ١٠]، ولا يتوجه الاعتراض عليهما بأن الأثر لا يوجد قبل علته الفاعلة. وساغ لهذا المعنى أيضاً أن يتوارد عاملان على معمول واحد، ولكنهم ضعفوا قول المبرد: إن الابتداء عامل في المبتدأ، وهما؛ أي: الابتداء والمبتدأ عاملان في الخبر، من جهة السماع، فقالوا: إن توجّه عاملين إلى معمول واحد لا يعهد له نظير في العربية، وبمثل هذا الوجه ضعفوا قول الفراء: إن زيداً في قولك: "قام وقعد زيد" مرفوع بالفعلين، واختاروا أن يكون فاعلاً للثاني، وهو قعد، وجعلوا الفاعل للأول ضميراً مقدراً.

وأكثر اختلافهم في تحقيق العامل لا يظهر له أثر في نظم الجملة، وقد ينبني عليه الحكم بصحة بعض التراكيب؛ كاختلاف الكوفيين والبصريين في الرافع لاسم "كان" الناسخة، فمقتضى قول الكوفيين: إن الاسم لم يزل مرفوعا بالابتداء، وإن "كان" إنما عملت في الخبر، امتناع نحو: كان زيد