للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن المعروف في وضع المصطلحات تفضيل اللفظ المفرد على المركب، والمجمع يحافظ على هذا القصد، فيؤثر المفرد على المركب إلا أن يكون في المركب مزية تدعو إلى اختياره، فلو أراد المجمع أن يضع لفظاً للموضع الذي يتداوى فيه بحرارة الشمس، لا أحسبه يعدل عن كلمة "المشرقة" إلى لفظ آخر مركب، فمان المشرقة موضع القعود في الشمس للتمتع بدفئها، وهذا المعنى متحقق فيما يقال له: الحمام الشمسي، ورأيت ابن سينا في "القانون" يعبر بالتضحي إلى الشمس عن التعرض للشمس بقصد التداوي.

والألفاظ العربية تختلف من حيث أنسُ السمع بها، وإساغة الذوق لها، والمجمع يلاحظ هذا فيما يضعه من المصطلحات، فإذا وجد في المعجمات - مثلاً -: توحش فلان؛ أي: أخلى معدته من الطعام لشرب الدواء، آثر عليها كلمة: تحامى للدواء؛ لأن الذوق يسيغها أكثر من كلمة توحش.

ومع ما أحرزته اللغة من الثروة الواسعة، والمقاييس التي يمكننا أن تتصيد بها من الأسماء ما نشاء، لم يقف المجمع وقفة الرافض لكل مصطلح علمي أجنبي، بل أبقى باب التعريب أمامه مفتوحًا، حتى إذا دعته ضرورة إلى قبول اسم غير عربي، وإلحاقه بالمصطلحات العربية الصميمة، أجاب داعي الضرورة، وله بالعرب في القديم أسوة، إذ قالوا: الترياق (١)، والقولنج (٢)، والنقرس (٣)، والكيموس (٤)، والكلمات الأربع يونانية، وقالوا: "البرسام" لذلك


(١) دواء مركب من أجزاء كثيرة، ويطلق على ماله نفع عظيم سريع.
(٢) مرض معوي.
(٣) مرض في مفاصل الكعبين، أو أصابع الرجلين.
(٤) الغذاء بعد أن تهضمه العصارة المعدية.