للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اطلاع الناس عليه.

ومن المحتمل أن يصوغ الشاعر المعنى، فتأخذ جهة الحسن بقلبه مأخذاً بليغاً، ثم يعثر في صورته على وجه من الخلل، ولا يتمكن من تلافيه وإكمال نقصه إلا برفض الصورة من أصلها، وحيث يرى أن جهة الحسن أرجح، ويرجو أن تسبل على ذلك المغمز فضل ردائها، فلا يشعر به الناقدون، يبقي صورة المعنى على حالها، ويجيزها للرواة، وهو بصير بعلتها. ولا أخال أن النابغة حين قال:

نظرتْ إليكَ لحاجةٍ لم تقضِها ... نظَرَ السقيم إلى وجوه العُوَّد

لم يخدش عاطفته أن يضع المحبوبة بمنزلة السقيم، ولكنه عزّ عليه أن يضرب عن هذا التشبيه الذي لا يلحق شأوه، وإن وخز لفظ السقيم في ضميره وخزات بالغة.

* التفاضل في التخييل:

أتينا في الفصل الذي كنا بصدد تحريره على الوجوه التي تفضل بها صور المعاني التخييلية؛ أعني: غرابة الجامع بين الأجزاء المؤلفة، ثم التوسع في الخيال، وبعده عن البساطة، مع الالتئام بالذوق السليم، فيصح لمن انتصب للموازنة بين الشعراء في التخييل، أن يتخذ هذه الوجوه مدخلاً للحكم، وأساساً يبني عليه في التفضيل.

تعقد الموازنة تارة بالنظر إلى معنى خاص يتناوله كل من الشاعرين، وهذا إما أن تتحد الواقعة فيه، أو تختلف. وتارة تجري في غرض خاص يصوره كل منهما بغير ما يصوره به الآخر، فهذه ثلاث حالات تضاف إليها حالة رابعة، وهي المفاضلة بين الشاعرين يختلفان معنى وغرضاً، وحالة