للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحقيقة معروفة عند السامعين. والذي لا يجوز باتفاق الأدباء: الكذب المحض؛ كقول أبي نواس:

وأخفتَ أهلَ الشِّرْكِ حتى إنه ... لتخافك النطفُ التي لم تُخلقِ

ويقال: إن العتبي قال لأبي نواس: "ألا تخاف الله فتقول: وأخفت أهل الشرك؟ " إلى آخره. فقال أبو نواس: وأنت تقول:

ولم تزل دائماً تسعى بلطفك بي ... حتى اختلست حياتي من يَدَيْ أجلي

فقال له: إنك تعلم أن هذا غير ذاك. والواقع أنهما يتحدان في الكذب.

ويرتفع شعر الشاعر في مراتب البلاغة إذا كانت فطرة الشاعر سليمة، وعاشر شاعراً قديراً؛ كالحطيئة، وأبي تمام، وبشار بن برد. واطلاع الإنسان على دواوين الشعراء يقوم مقام هذه الوسيلة، واطِّلاعه على ما يجري في عصره من معاني الحضارة.

قيل لابن الرومي: لم لا تشبِّه كتشابيه ابن المعتز، وأنت أشعر منه؟. وذكروا له بعض تشابيه ابن المعتز، فقال: ذلك يصف ماعون بيته؛ لأنه ابن خليفة. فانظروا إذا وصفت ما أعرفه أين يقع من الناس!!

وأن يعرف أدب لغة أخرى؛ فقد يكون فيها من التخييل والمعاني الغريبة ما لا يكون في اللغة العربية، وقد قدمنا قول الشاعر:

لو لم تكن نية الجوزاء خدمته ... لما رأيت عليها عقد منتطق

مترجماً من الفارسية.

وحدثني صديق لي: أن أحد التونسيين الذين لهم ولوع بالأدب العربي والأدب الفرنسي قال: وجدت في الأدب الفرنسي بيتاً من الشعر لم أجد معناه