للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن جريج: كنت في اليمن، وليس في بالي أن أؤدي فريضة الحج في هذه السنة حتى خطر ببالي قول عمر بن أبي ربيعة:

بالله قولي له في غير مَعْتَبَةٍ: ... ماذا أردتَ بطول المكث في اليمنِ؟

إن كنتَ حاولت دنيا أو نعمتَ بها ... فهل أخذتَ بترك الحجِّ من ثمنِ؟

ولا سبب للحج إلا هذان البيتان اللذان خطرا ببالي.

ومن بلاغة الشاعر في المديح: أن يذكر كلمة أو جملة يخفي وجة زيادتها على الممدوح ويعدها تقصيراً في الممدوح، حتى يذكر الشاعر وجه زيادتها؛ كالقصيدة التي مدح فيها عبدالله بن إبراهيم المعتمد بن عباد إذ يقول فيها:

ولا سقاهم على ما كان من عطشٍ ... إلا ببعض ندى كفِّ ابن عبّاد

فقال ابن عباد: "لأي شيء بخلت عليهم أن يسقوا بكل ما في كفي؟ "، فقال: إذاً يلحقني من التبعة مالحق الذي قال: "ولا زال منهلاً بجرعائك القطر"، وكان طوفان نوح أهونَ عليهم من ذلك.

وقد احترس الشاعر من مثل هذا بقوله:

فسقى ديارَك غيرَ مفسدِها ... صوبُ الغمام وديمةٌ تَهمي