للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شديداً، ومررت برجل مثل الأسد أبوه، إذا كنت تشبِّهه".

ونجد الفراء المتوفى سنة ٢٠٧ يتعرض في تفسيره معاني القرآن إلى وجوه تعد من فنون البيان، كتنبيهه على المجاز العقلي في قوله تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} [البقرة: ١٦] حين قال: "ربما قال قائل: كيف تربح التجارة، وإنما يربح الرجل التاجر، وذلك من كلام العرب: ربح بيعك، وحسن بيعك، وحسن القول بذلك؛ لأن الربح والخسران إنما يكونان في التجارة، فعلم معناه، ومثله من كلام العرب: هذا ليل نائم".

ونبّه على بعض أنواع المجاز المرسل، كما نبه على إطلاق المحل وإرادة الحالّ في قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} [العلق: ١٧]. وقال: العرب يجعلون النادي والمجلس والمشهد والشاهد: القوم.

ونجد أبا عبيدة معمر بن المثنى المتوفى سنة ٢٠٩ يأتي في تفسيره "مجاز القرآن" على جانب من فنون البيان، كما نبه على الالتفات في قوله تعالى: {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: ٣٣ - ٣٤]. وفي قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِبَةٍ} [يونس: ٢٢]. ونبّه على بعض أنواع المجاز المرسل؛ كاستعمال المصدر في اسم الفاعل أو اسم المفعول، في قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: ١٧٧]، وقوله تعالى: {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} [الأنبياء: ٣٠]، ونبهَ على ما يسمونه: القلب في قوله تعالى: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} [القصص: ٧٦].

ونجد الأصمعي المتوفى سنة ١١٦ يتحدثُ عن النوع الذي يسميه بعض البيانيين: التفاتاً. روى محمد بن يحيى الصولي: أن الأصمعي قال له: أتعرف التفاتات جرير؟ فقال: لا، ما هي؟ قال: