كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

صَفَرَ المُنبهُ للرَّحيلِ وَلَيْتَهُمْ ... سَمَّوْا وَغَى هذا الصفيرِ نُعابا (١)

شَيَّعْتُ بالطَّرفِ السَّفينةَ شاخِصًا ... حَتَّى تَوارَتْ بالعُبابِ فَآبا (٢)

وإذا انْثَنى طَرْفي فَقلْبي لا يَرى ... غَيْرَ السَّفينةِ للقلوبِ مَآبا

يا رامِياً عَنْ قَوسِ جالينوس هَلْ ... ألفَيْتَ للقَلْبِ الشَّجِيِّ طِبابا (٣)

هَذا الأسى تُذْكيهِ ذِكْرى رامَيةٍ ... وتزيدُهُ ذِكْرى العَقيقِ لِهابا (٤)

أَسْلو البِقاعَ سِوى تِهامةَ إنّها ... كانَتْ إذا خَبَروا البِلادَ لُبابا (٥)

هي هالةُ العُرْبِ الأُلى شادوا على ... هامِ النُّجومِ الزَّاهِراتِ قِبابا (٦)

وأَمَدَّهُمْ وَحيُ السّماءِ بِحِكْمَةٍ ... ساسوا بها الأَجسامَ والأَلْبابا

إِنْ سُولموا كانوا الملائِكَ سُجَّداً ... أو حُورِبوا كانوا اللُّيُوثَ غِضابا

(١) الوغى: الصوت والجلبة، ومنه قيل للحرب: (وغى)؛ لما فيها من الصوت والجلبة. النعاب: صوت الغراب، يقال: نعب الغراب: صوّت بالبين.
(٢) شيّع فلاناً: خرج معه ليودعه، ويبلغه منزله. الطرف: العين، ولا يجمع؛ لأنه في الأصل مصدر، فيكون واحداً وجمعًا، قال تعالى: {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: ٤٣]. شاخص: الذي يفتح عينيه ولا يَطْرف. العباب: الموج. آب: رجع.
(٣) جالينوس: طبيب وحكيم يوناني (نحو ١٣١ - ٢٠١ م)، له اكتشافات هامة في التشريح. الطباب: ما يطلب به.
(٤) تذكيه: أذكى: أوقد وأشعل. رامة: مكان في الطريق بين البصرة ومكة المكرمة. العقيق: وادٍ بظاهر المدينة المنورة. اللِّهاب: جمع اللهب، وهو لسان النار.
(٥) تهامة: مكة، وبلاد شمالي الحجاز. اللباب: المختار الخالص من كل شيء.
(٦) هالة: الدّارة حول القمر، جمع هالات.