للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعُدْتُ بِجُثْماني وَروحي رَهينَةٌ ... لَدَيْكَ وَلِلْوِد الصَّميمِ قُيُودُ (١)

عَرَفْتُكَ إذْ زُرْتُ الوَزيرَ وَقَدْ حنا ... عَلَيَّ بِإِقْبال وأَنْتَ شَهيدُ (٢)

فَكانَ غُروبُ الشَّمْسِ فَجْرَ صَداقَةٍ ... لَها بَيْنَ أَحْناءِ الضُّلوعِ خُلودُ

لَقيتُ الوِدادَ الحُرَّ في قلبِ ماجِدٍ ... وَأَصْدَقُ مَنْ يُصْفي الوِدادَ مَجيدُ

ألمْ تَرْمِ في الإِصْلاح عَنْ قَوْسِ ناقِدٍ ... دَرَى كَيْفَ يُرْعى طارِفٌ وَتَليدُ (٣)

وَقُمْتَ عَلى الآدابِ تَحْمي قَديمَها ... مَخافَةَ أَنْ يَطْغى عَلَيْهِ جَديدُ


= وأضحت أماني القرب منك ضئيلة ... ومرّ الليالي ضعفها سيزيد
أتذكر إذ ودعتنا صبح ليلة ... يموج بها أنس لنا وبرود
وهل كان ذا رمزاً لتوديع أنسنا ... وهل بعد هذا البين سوف يعود
ألم تر هذا الدهركيف تلاعبت ... أصابعه بالدر وهو نضيد
إذا ذكرو اللود شخصاً محافظاً ... تجلى لنا مرآك وهو بعيد
إذا قيل من للعلم والفكر والتقى ... ذكرتك إيقاناً بأنْك فريد
فقل لليالي جددي من نظامنا ... فحسبك ما قد كان فهو شديد
وكتب تحتها ما يتلو: (هذه كلمات جاشت بها النفس الآن عند إرادة الكتابة إليكم، فأبثها على علاتها، وهي وإن لم يكن لها رونق البلاغة والفصاحة، فإن الود والإخاء والوجدان النفسي يترقرق في أعماقها".
(١) الجثمان: الجسم.
(٢) الوزير: محمد العزيز بوعتور (١٢٤٠ - ١٣٢٥ هـ) من كبار رجال السياسة والعلم في تونس. الشهيد: الحاضر والمطلع، والبيت إشارة إلى أول لقاء بين الشاعر والعلامة ابن عاشور.
(٣) الطارف: المال الحديث المستحدث. التليد: المال القديم.