للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال في (ص ٧٧): "وإنما نعيد شيئاً واحداً، وهو أننا نعتقد أنه إذا كان هناك نص عربي لا تقبل لغته شكاً ولا ريبًا، وهو لذلك أوثق مصدر للغة العربية، فهو القرآن. وبنصوص القرآن وألفاظه يجب أن يستشهد على صحة ما يسمونه الشعر الجاهلي، بدل أن نستشهد بهذا الشعر على نصوص القرآن. ولست أفهم كيف يتسرب الشك إلى عالم جاد في عربية القرآن واستقامة ألفاظه وأساليبه ونظمه على ما عرف العرب أيام النبي من لفظ ونظم وأسلوب".

لم يستشهد العلماء على كل كلمة من كلمات القرآن بشيء من شعر العرب؛ فإن أغلب كلامه ظاهر لا يحتاج في تقرير معناه أو وجه إعرابه إلى شاهد، وقد سبقت لنا كلمة في هذا الصدد، ونقلنا لكم ما قال الرازي وابن حزم فيما أنكراه على بعض النحاة من الاستشهاد على القرآن بالشعر، أو توقفهم في الاستشهاد بالقرآن، وإنما نعيد شيئاً واحداً، وهو أن إنكار الاحتجاج بالشعر على القرآن رأي قديم، وزعم المؤلف أنه الصانع له تغييرٌ في تاريخ أدب اللغة العربية، وما كان لأستاذ الآداب أن يغير تاريخها إلى حد أن يأخذ الرأي الذي نشأ في المئة الثالثة أو الرابعة أو الخامسة، ويجعله ابن المئة الرابعة عشرة. وليس التصرف في تاريخ الآراء بأقل جناية من أن يدَّعي لطلابه: أن الرازي، أوابن حزم، أو أبا بكر بن الأنباري من علماء هذا العصر، وأنهم لا زالوا أحياء يرزقون.

يقول أبو بكر الأنباري (١): "قد جاء عن الصحابة والتابعين كثيراً الاحتجاجُ


(١) "الإتقان" (ج ١ ص ١١٩).