للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخطابة، وكذلك حال الخطباء في قرض الشعر". وقال: يندر في العرب من لا يستطيع الشعر (١). ولا يبقى في كلام الجاحظ بعد هذا إلا المبالغة في قوله: كل شيء للعرب فإنما هو بديهة وارتجال. حيث أضاف الحالة الغالبة على العرب، وهي البديهة والارتجال إلى كل ما لهم من قول منظوم أو منثور.

* شعر الإمام علي:

قال المؤلف في (ص ٩٧): "ولدينا نصوص قديمة تدلنا على أن العرب لم يكونوا جميعاً شعراء، فكثيراً ما حاول العربي قول الشعر فلم يوفق إلى شيء. وقد طُلب إلى النبي في بعض المواقف التي احتاج المسلمون فيها إلى الشعر أن يأذن لعليّ في أن يقول شعراً يرد به على شعراء قريش، فأبى النبي أن يأذن له؛ لأنه لم يكن من ذلك في شيء، وأذن لحسّان".

يحكم المؤلف بخطأ القدماء -علمائهم وعامتهم- في رأي، ويستشهد على تخطئتهم بنصوص قديمة لا يمكن تناولها إلا من أيديهم!.

وما استشهد به من قصة علي - رضي الله عنه - لا يجديه في الموضوع نقيراً؛ إذ متى وجد الاعتقاد بأن كل عربي شاعر، فمعناه أن كل عربي يستطيع الإتيان بالكلام منظوماً، وهذا لا يستلزم القدرة على التصرف في المعاني، وقوة الخيال في مناظرة الشعراء البارعين ومفاخرتهم، ثم إن الشعراء الممتازين يتفاوتون في قوة العارضة، وحكمة الأسلوب، والتلاعب بالمعاني. فمن

الجائز أن يكون عدول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن علي بن أبي طالب إلى حسّان بن ثابت؛


(١) "البيان والتبيين" (ج ٢ ص ١٦٤).