للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبع وحمير، ثم قال: "وأكثره مبالغ فيه، وبعضه أقرب إلى الخرافات منه إلى الحقائق" (١).

هذا كلام القدماء والمحدثين في تبع وحمير، وقد فضلهم المؤلف بصوغ العبارة في قالب الكلية؛ كأنه كان على مسمع ومرأى من تلك العصور القديمة، ثم بعث اليوم من مرقده، وعرف أن كل ما يروى عن تبع وحمير لا يوافق شيئاً مما كان يَسمع وَيرى!.

وأما سيل العرم، فقد ذكره الله تعالى في القرآن، وقد شاهد الهمداني في أوائل القرن الرابع للهجرة أنقاض سد العرم، "وكان يقرأ المسند ويفهمه، فوصف تلك الأنقاض مع تطبيقها على قول القرآن، وهذان القولان أصدق ما جاء عن خبر هذا السد، وأكثر مطابقة لما وجده النقابون الذين اكتشفوا آثار ذلك الخزان في القرن الماضي" (٢).

ولو اعتاد المؤلف البحث عن الحقائق بإخلاص، لتحامى أن يحكم عن تاريخ أمة بأن جميعه موضوع لا أصل له، وأنت إذا نثلت كنانته، لم تجد عنده من شبهة سوى ظهور الوضع في بعضه، أو في كثير منه.

* * *


(١) "العرب قبل الإِسلام" (١٠٧).
(٢) "العرب قبل الإِسلام" (ص ٥١).