للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليجد الأمر بالصوم من نفوس السامعين إقبالاً زائداً وعناية. وشهد: من الشهود بمعنى: الحضور، فمعنى شهد الشهر: حضر فيه؛ أي: كان مقيماً وقت دخوله.

{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}:

أعيد في هذه الجملة ذكر الرخصة للمريض والمسافر؛ تأكيداً لمشروعيتها، وتنبيهأ على أنها صادرة عن عناية من شارعها، حتى لا يقع في نفوس المتقين أدنى حرج من الأخذ بها.

{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}:

هذه جملة مستأنفة لبيان حكمة الإذن للمريض والمسافر في الفطر، وهي أن الله تعالى بنى تشريعه على اليسر والرفق، كما قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].

ومن مثل هاتين الآيتين تقررت في الشريعة قاعدة من القواعد التي تشهد بسماحتها، وهي: المشقة تجلب التيسير.

وارادة الله في التشريع تنبئ بعدم إرادته للعسر، فقوله تعالى: {وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} تصريح بما فهم من الجملة قبلها لتوكيد معناها، وتقوية يقين المكلفين بأنهم لا يلاقون فيما شرع الله عسراً في حال.

{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ}:

روعي في هذا التعليل قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، والمعنى: أوجب عليكم إذا أفطرتم لمرض أو سفر عدة أيام أخر؛ لتكملوا عدة الأيام المفروض عليكم صيامها، فلا يفوتكم الأجر العظيم الذي يعده الله لصائمي الشهر كله.