للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلثوم لعمرو بن هند كان أمراً واقعاً؛ فإن هذه الحادثة كانت مذكورة في عهد جرير والأخطل، وأشار إليها الأخطل في قوله:

أبني كليبٍ إن عَمَّيَّ اللذا ... قتلا الملوك وفككا الأغلالا

ولم يمض وقتئذ على عهد عمرو بن كلثوم وعمرو بن هند إلا نحو مئة سنة، وقتل ملك كعمرو بن هند واقعة عظيمة، شأنها أن يبقى ذكرها دائراً في النوادي، مستفيضاً على الألسنة، ولا يتضاءل في هذه المدة إلى أن يكون أمراً منسياً، حتى تدعيه تغلب لأحد عظمائها بالباطل، ثم لا يقوم بالإنكار عليها خصمها الذي هو أحرص الناس على ألا يكون لها أثر من فخر، وأبعد من هذا أن يموت ذلك الملك حتف أنفه، وتزعم تغلب أنه مات قتيلاً، وأن قاتله أحد زعمائه. وحيث لم يقم وجه للريبة في أصل القصة، وهو قتل عمرو بن كلثوم لعمرو بن هند، عرّج عليه العلامة ابن خلدون في "تاريخه" (١) فقال في الحديث عن عمرو بن هند: "فتك به في رواق بين الحيرة والفرات عمرو بن كلثوم سيد تغلب، ونهبوا حياءه".

ومن يسلم أن تلك القصة المفضلة لا تأخذ الظن المعتد به في التاريخ، لا يلزمه أن يذهب في القصيدة التي يرويها الثقات من النبهاء إلى أنها مصطنعة؛ فإن الباحث بجدّ، لا يعمد إلى الخبر يرد عن الرجل من طريق واهية، ويلحق به خبراً آخر لم يدخل عليه من هذا الطريق.

* اختلاف الرواة في أبيات من قصيدة ابن كلثوم:

ذكر المؤلف شك الرواة في بعض قصيدة عمرو بن كلثوم، واختلافهم


(١) (ج ٢ ص ٣٠١).