للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* نقد الرواة لشعر طرفة:

خلع المؤلف لقلمه العذار، فطرب في حديث الإلحاد والإباحة ما شاء.

ثم قال في (ص ١٧٨): "وإذاً، فأنا أرجح أن في هذه شعراً صنعه علماء اللغة، هو هذا الوصف الذي قدمنا بعضه، وشعراً صدر عن شاعر حقاً، هو هذه الأبيات وما يشبهها، ولسنا نامن أن يكون في هذه الأبيات نفسها ما دس على الشاعر دساً، وانتحل انتحالاً. فأما صاحب القصيدة، فيقول الرواة: إنه طرفة. ولست أدري: أهو طرفة أم غيره؟ بل لست أدري: أجاهلي هو أم إسلامي؟ وكل ما أعرفه هو أنه شاعر بدوي ملحد شاكّ".

يجوز في حق الملحد متى كان بدوياً أن يصف الناقة على نحو وصفها في قصيدة: "لخولة أطلال"، فليس بالبعيد أن تكون أبيات الإلحاد والإباحة صادرة من القريحة التي وصفت الناقة، وقد قال الرواة: إن هذا الملحد الذي وصف الناقة يقال له: طرفة بن العبد، وقد رأينا هؤلاء الرواة يتحدثون عن شعره حديث المجدّ في بحثه، فقالوا: إن الصحيح منه قليل، وأنكروا بعض قصائد طرحت عليه؛ كقصيدة:

تكاشرني كرهاً كأنك ناصح ... وعينك تبدي أن صدرك لي جوّ

فقد نقدوها، ونفوها عنه، وقالوا: إنها لا تدخل في مذهبه، ولا تقاربه (١).

وجروا على هذا السبيل في أبيات تضاف إلى هذا الشاعر؛ كبيت:

أسعد بن مال ألم تعلموا ... وذو الرأي مهما يقل يصدق


(١) "أغاني" (ج ١١ ص ١٠٤).