للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المؤلف في (ص ٣): "فالخليفة عندهم ينزل من أمته بمنزلة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من المؤمنين، له عليهم الولاية العامة، والطاعة التامة، والسلطان الشامل".

ثم قال: "وعليهم أن يحبوه بالكرامة كلها؛ لأنه نائب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس عند المسلمين مقام أشرف من مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن سما إلى مقامه، فقد بلغ الغاية التي لا مجال فوقها لمخلوق من البشر".

شغل المؤلف مقدار صحيفتين أو أزيدَ بتكرار معان تعدّ من المعلومات الموضوعة على ظاهر اليد؛ ليلمح بتأكيد إلى أن المسلمين يقررون لمقام الخلافة سلطاناً ومكانة فوق ما يستحقه رئيس حكومة عادلة، ثم هو لم يقف في بيان عبارات أولئك العلماء على حد ما تحتمله ألفاظهم؛ كما هو شأن طلاب الحقيقة بإنصاف، بل أخذ يرمي الكلم على عواهنه، ويعدل عن الألفاظ المطابقة إلى غيرها من الألفاظ التي ربما قدحت في الذهن معاني غير صحيحة.

فعلماء الإِسلام يقولون: تجب طاعة الخليفة فيما يأمر به من معروف. والمؤلف يقول: له عليهم الطاعة التامة، فيحذف ما اشترطوه للطاعة من الاقتصار بها على المعروف، ويضع بدله كلمة تذهب بها إلى أن تتناول الطاعة العمياء.

وهم يقولون: "يجب أن يكون مكرماً بين الناس -أي: غير مهان-؛ ليكون مطاعاً" (١). والمؤلف يقول: وعليهم أن يحبوه بالكرامة كلها! فيصرف القلم عن تعليلهم الذي يأخذ به المعنى قوة الحقائق، ويضع مكانه لفظ الشمول الذي يذهب بنفس القارئ إلى أقصى غاية.


(١) "مطالع الأنظار" (ص ٤٧٠) طبع الآستانة.