للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى ضبطهم إلا بإعانة الله تعالى التي وهب لك، وأفضل ما استدعيت به عونه منهم، وكفايته التي تكفيهم: تقويم نفسك عند قصد تقويمهم، ورضاك بالسهر لتنويمهم، وحراسة كهلهم ورضيعهم، والترفع عن تضييعهم، وأخذ كل طبقة ما لها وما عليها أخذاً يحوط مالها، ويحفظ عليها كمالها إلخ".

ويجري على هذا المثال رسالة الحسن بن أبي الحسن البصري (١) لعمر ابن عبد العزيز في صفة الإمام العادل، ومما يقول فيها: "واعلم - يا أمير المؤمنين-: أن الله أنزل الحدود؛ ليزجر بها عن الخبائث والفواحش، فكيف إذا أتاها من يليها؟ وأن الله أنزل القصاص حياة لعباده، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم؟ (٢) ".

وكتب إليه في رسالة أخرى (٣): " ... فكن للمثل من المسلمين أخا، وللكبير ابناً، وللصغير أباً، وعاقب كل واحد منهم بذنبه على قدر جسمه، ولا تضربن لغضبك سوطاً واحداً؛ فتدخل النار".

فالحق أن حظ المسلمين في السياسة لم يكن منقوصاً، وأن منزلتهم فيها كانت فوق المنزلة التي قعد بهم المؤلف عندها، وبالغ في استصغار شأنها.

قال المؤلف في (ص ٢٣): "ذلك وقد توفرت عندهم الدواعي التي


(١) الحسن بن يسار البصري (٢١ - ١١٠ هـ = ٦٤٢ - ٧٢٨ م) إمام البصرة، وحبر الأمة في زمانه، عرف بالفصاحة والشجاعة، ولد بالمدينة المنورة، وتوفي بالبصرة.
(٢) "العقد الفريد" (ج ١ ص ٤).
(٣) "سيرة عمر بن عبد العزيز" (ص ١٢٤).