للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إلى السلطان برقوق (١) صاحب مصر. بل كان من رجال الدولة من يؤلف في السياسة؛ كما ألف القاسم أَبو دلف أحد قواد المأمون ثم المعتصم كتاب: "سياسة الملوك" (٢)، وألّف عبيد الله بن عبد الله بن طاهر ولي الشرطة ببغداد "رسالة في السياسة الملكية" (٣).

قال المؤلف في (ص ٣١): "لو وضعنا هذا الكتاب كله في بيان الضغط الملوكي الإسلامي على كل علم سياسي، وكل حركة سياسية، أو نزعة سياسية، لضاق هذا الكتاب وأضعافه عن استيعاب القول في ذلك، ثم لعجزنا عن بيانه على وجه كامل".

اقتحم المؤلف في هذه العبارة شططاً لا يقع فيه خبير بالتاريخ، عارف بقيمة الأمانة في العلم. طالعْ -أيها القارئ- كتب التاريخ كتاباً كتاباً، وقلّبها إن شئت صحيفة صحيفة، فلا أحسبك تعثر على مثال يشهد بأن ملكاً من ملوك الإسلام غضب لكتاب ألّف في السياسة، أو كره للناس أن يترجموا كتباً في السياسة، أو عنّف شخصاً ألّف في السياسة، أو أصدر إنذاراً على التأليف في السياسة.

ضغط بعض ملوك الإسلام على الفلسفة؛ كما قصصناه عن المتوكل


(١) برقوق بن أنص أو أنس العثماني (٧٣٨ - ٨٠١ هـ = ١٣٣٨ - ١٣٩٨ م) الملك الظاهر، أول من ملك مصر من الشراكسة، وتوفي بالقاهرة.
(٢) القاسم بن عيسى أَبو دُلف العجلي (... - ٢٢٦ هـ = ... - ٨٤٠ م) أمير الكرخ، وكان من قادة جيش المأمون، وتوفي ببغداد.
(٣) عبيد الله بن عبد الله بن طاهر بن الحسين (٢٢٣ - ٣٠٠ هـ = ٨٣٨ - ٩١٣ م) أمير شاعر وأديب، ولد وتوفي ببغداد.