للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النظر، والاحتياط في ضبطها، أو إصدار الحكم على وجه أدل على إنصاف القاضي، وأدعى لرضا المحكوم عليه؛ كتسجيل أقوال المتداعيين أو الشهود في محاضر، وتقرير الحكم ببيان مستنداته الشرعية، وإخراج نسخة منه لمن يستحقها.

أما المبادئ التي هي كالأركان للعدل في القضية، فلتجدنها قائمة في دلائل الشريعة، دون أن تشذ منها كبيرة أو صغيرة، فتفقهوا فيها لعلكم تعقلون، أو اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.

وأما النظم الزائدة على ما يعد ركناً للعدالة، فذلك يجيء على حسب ما يقتضيه حال الزمان والمكان، ولهذا وكّله الشارع الحكيم إلى اجتهاد القائم على منصب القضاء، فيتصرف فيه على ما يوافق المصلحة، وعلى هذا المنهج سار العلماء الذين أسلموا قلوبهم للحق، فاستنبطوا للقضاء بعض نظم اقتضاها حال عصرهم؛ كضمّ بعض أهل العلم إلى مجالس القضاء بحيث لا ينفرد القاضي بحكم دونهم؛ كما فعل أمير المؤمنين علي بن يوسف بن تاشفين (١)؛ فإنه "كان إذا ولّى أحد قضاته، كان فيما يعهد إليه: ألا يقطع أمراً، ولا يبت حكومة في صغير من الأمور ولا كبير إلا بمحضر أربعة من الفقهاء" (٢).

قال المؤلف في (ص ٣٩): "لا شكّ أن القضاء بمعنى الحكم في المنازعات وفضّها، كان موجوداً في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما كان موجوداً عند


(١) علي بن يوسف بن تاشفين (٤٧٧ - ٥٣٧ هـ = ١٠٨٤ - ١١٤٣ م) ثاني ملوك دولة المرابطين، ولد بسبتة، ومات في مراكش.
(٢) "الاستقصى".