للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تجدها في آية: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢]، وآية: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢]. وهذا إرشاد إلى الاحتياط في حفظ الحق؛ لتكون الشهادة سنداً عند التناكر في مجلس القضاء. وتجدها في حديث: "ألك بيّنة؟ "، وحديث: "شاهداك، أو يمينه" وحديث:؛ البيِّنة على المدَّعي، واليمين على من أَنكر".

وقد تفقه أهل العلم في معنى البيّنة كل على حسب اجتهاده، وفسرها ابن قيم الجوزية في "إعلام الموقعين" (١) بأنها: اسم لكل ما يبين الحق؛ من شهود، أو دلالة، وقال: "إن الشارع في جميع المواضع يقصد ظهور الحق بما يمكن ظهوره به من البينات التي هي أدلة عليه، وشواهد به". ثم قال: "إن الطرق التي يحكم بها الحاكم أوسع من الطرق التي أرشد الله صاحبَ الحق إلى أن يحفظ حقه بها (٢) ".

وللحاكم النظر في قبول الشاهد وردّه، منحه هذا الحق قولُه تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}. شهد عند إياس بن معاوية رجل من أصحاب الحسن، فرد شهادته، فبلغ الحسن، وقال: قوموا بنا إليه، فجاء إلى إياس، وقال: يا لكع! ترد شهادة رجل مسلم؟! فقال: نعم، قال الله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}، وليس هو ممن أرضى، فسكت الحسن وقال: خصم الشيخ" (٣).


(١) (ج ١ ص ١٠٥).
(٢) (ج ١ ص ١١٢).
(٣) "أحكام القرآن" للجصاص (ج ١ ص ٥٠٣).