للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهذه المزية؛ كما قال (أرغوهارت) في كتاب "روح الشرق" (١):

"إن الإسلام منح الناس قانوناً فطرياً بسيطاً، غير أنه قابل لأعظم الترقيات الموافقة لرقي المدنية المادية. إنه منح الحكومة دستوراً يلائم الحقوق والواجبات البشرية أشد الملاءمة، فقد حدد الضرائب، وساوى بين الخلق في نظر القانون، وقدس مبادئ الحكم الذاتي، وأوجد الرقابة على الحاكم؛ بأن جعل الهيئة التنفيذية منقادة للقانون المقتبس من الدين والواجبات الأخلاقية.

إن حسن كل واحد من هذه المبادئ التي يكفي كل واحد منها لتخليد ذكرى واضعه، قد ضاعف في أهمية مجموعها، وأصبح للنظام المكون منها قوة ونشاط تفوق أي نظام سياسي آخر.

إن هذا النظام، مع أنه وضع في أيدي قوم أميين، استطاع أن ينتشر في ممالك أكثر مما فتحته روما، في عهد لا يتجاوز عمر الفرد، ولقد استمر منتصراً لا يمكن إيقافه، مدة محافظته على شكله الفطري".

هذا ما يقوله غير المسلم، وذلك ما يقوله القاضي الشرعي (٢)، وإن في ذلك لعبرة لأولي الألباب ...

يقول المؤلف: "إلى غير ذلك مما لم يوجد منه شيء في أيام النبوة، ولا أشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

إن القارئ ليبتسم لهذه الجملة عجباً، بل يتمزق لها قلبه أسفاً؛ فإن


(١) (ج ١ ص ٣٨). وهو منقول في كتاب"روح الاسلام" لأمير علي (ص ٢٧٧).
(٢) إشارة إلى علي عبد الرازق باعتباره كان قاضياً شرعياً.