للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} [التوبة: ١٢].

والآيات التي سردها المؤلف كلها من سور مكية، ما عدا الآية الأولى؛ أعني: قوله تعالى: {وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: ٨٠]، فإنها من سورة النساء، وهي مدنية، وعرفت أن الجهاد شرعّ بعد أن قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة نحو سنة، فيجوز أن تكون هذه الآية نزلت قبل فرض الجهاد، قال ابن جرير الطبري في" تفسيره": (١) "ونزلت هذه الآية -فيما ذكر- قبل أن يؤمر بالجهاد".

ومن أهل العلم من يذهب إلى أن هذه الآيات محكمة، ويأتي في تفسيرها بوجوه تسير بها مع آيات الجهاد جنباً لجنب، واستقصاء البحث عنها في هذه الصحائف آية آية يخرجنا إلى إسهاب لا حاجة بنا إليه، وأضرب لك مثلاً تشرف منه على شيء مما قيل في سائرها، وهو قوله تعالى في سورة الأنعام: {قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام: ٦٦]، فقد قال أبو جعفر النحاس (٢) في تأويلها: "هذا خبر لا يجوز أن ينسخ، ومعنى وكيل: حفيظ ورقيب، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ليس عليهم حفيظاً، إنما عليه أن ينذرهم، وعقابُهم على الله تعالى، والآية الثانية نظيرها، ويعني بالآية الثانية: قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًاوَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام: ٦].

وخلاصة المقال: أن المؤلف سرد هذه الآيات على غير بصيرة، وصرف نظره عن آيات الجهاد التي يذهبُ رأيه أمامها عبثاً، فجلس كما قام، وسكت كما تكلم، بل جلوسه خير من قيامه، وسكوته أنفع من كلامه،


(١) (ج ٥ ص ١١٢).
(٢) كتاب"الناسخ والمنسوخ " (ص ١٣٧).