للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعلماء المنصفون. إِلا أن بعض الذين انتدبوا لامتحانه، وبتوجيه من السلطة، منعوا قبوله في عداد الطبقة الأولى (١).

وأقوى سلاح يشهر في وجه العالم: أن يضيق به ميدان العلم، ويضرب الجهلة من حوله القيود والسدود، ولا يجد سبيلاً للانطلاق في الحياة العلمية إلى أقصى غاية .. وهذا من أهم الأسباب والدوافع التي شجعته للهجرة إلى دمشق، والعمل في البحث العلّمي والقضية الإسلامية بقدر ما يستطيع، والرحيل من مضايقات الاستعمار الفرنسي، والانتقال إلى أرض تتمتع بحرية أكثر، واستعباد أقل.

ولتكون دمشق مرحلة من مراحل العمر يتطلع منها إلى ميدان فسيح، وأفق رحيب لم يجدهما في تونس التي ضاقت بعلمه ومعارفه.


(١) سمعت من العلامة الفاضل الشيخ محمد الشاذلي النيفر هذه الواقعة، وأسجلها هنا كما سمعتها منه حرفياً للتاريخ: عُرض اسم الشيخ محمد الخضر حسين والشيخ محمد العنابي للحصول على مرتبة الطبقة الأولى للمدرسين في جامع الزيتونة، فتدخل الشيخ بلحسن النجار، ومنع قبول الشيخ الخضر.
وقال الشيخ الصادق النيفر لولده الشيخ محمد الشاذلي النيفر: إنه لا شك أن للشيخ الخضر أخلاقاً رفيعة، ومع ذلك قد ترجم الشيخ الخضر لوالد الشيخ بلحسن النجار.
ومن شعر الإمام محمد الخضر حسين حول هذه الواقعة -لم ينشر في ديوانه "خواطر الحياة"-:
عجباً لهاتيك النظارة أصبحت ... كالثوب يطرح في يدي قصّار
وأنامل (القصار) تعمل مثل آ ... لات تحركها يد (النجار)
والقصار والنجار من شيوخ الزيتونة.