للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جهاد الإمام في برلين]

تحت أزيز الرصاص، ومع دوي القاذفات والقذائف، وفي الأتون المشتعل لهباً ودماراً، وعجيج الحرب وضجيجها يملأ الأسماع ليل نهار، في ذاك الجو المرعب الرهيب، وقف الرجل المؤمن الصابر يدعو الجنود المغاربة الذين وقعوا أسري الألمان إلى الثورة ضد فرنسا.

لقد جنّد الاستعمار الفرنسي مئات الآلاف من أبناء شمال أفريقيا بالإرهاب والقسر في صفوف جيوشه، وساقهم سوق القطيع إلى مذابح الحرب، ودفع بهم إلى الخطوط الأولى من المعارك التي يخوضها مع ألمانيا، فوقع بالأسر عدد كبير من المغاربة، وخاصة من التونسيين والجزائريين. وكان الإمام يتصل بهم ويؤانسهم, ويحوضهم على القتال ضد فرنسا، وليس معها؛ لأن بلادهم تحتاج إليهم في هذا الموقف، ويدعوهم إلى التطوع والجهاد ضد فرنسا (١).


(١) يقول الإمام في مقال تحت عنوان: "طغيان الاستعمار وخطر الشيوعية - ما نأخذ من نظم الغرب وما ندع" - مجلة "الأزهر" - المجلد الخامس والعشرون الصادر في - غرة ربيع الثاني ١٣٧٣ هـ ديسمبر كانون الأول ١٩٥٢ م: "كانت هذه الرحلة في أيام الحرب الكبرى، وكنت مع الأسرى الأفريقبين، أتردد عليهم، وأعود إلى برلين، وقد زرت ألمانيا مرتين: أولاهما استغرقت تسعة أشهر، والثانية سبعة أشهر".