للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونبه القرآن الكريم في آية أخرى على أن قاصد الحرب شأنه أن يأخذ الأهبة للحرب قبل النهوض إليها، فقال تعالى في وصف قوم من المنافقين أضمروا عدم الخروج إلى الحرب من أول الأمن ثم استأذنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في التخلف:

{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التوبة: ٤٦].

وأما عناية القرآن باتباع ما تقتضيه النظم الصالحة، فمن الآيات المشيرة إليه: قوله تعالى:

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: ٤].

ومن مقتضى هذه الآية: أن الشجاعة، واستيفاء وسائل الدفاع المادية لا يغنيان عن الأخذ بالنظم التي هي أثر التجارب والبصائر النافذة.

وفي كتب السنة والغزوات النبوية أحاديث كثيرة ترشد إلى أن من أهم وسائل الفوز: اتباع النظم التي تستدعيها مصلحة القتال.

يبث القرآن الكريم في النفوس روحاً عسكرية قوية صادقة، فلا جرم أن يكون المؤمن بحق قوي الجأش، محافظاً على نظم الدفاع، آخذاً بوسائله ما استطاع، وكذلك كان الناس في عهد الأمراء المظفرين.

ومن أسباب قوة الروح العسكرية فيما سلف: أن رؤساء الجند يقدرون عمل الجندي، ويعرفون أثره الخطير في سلامة الوطن، ورفعة شأن الأمة، فلا يكون منهم إلا أن يرعوا الجنود برفق، ويذيقوهم حلاوة التمتع بالكرامة في دائرة الحزم، ويرفعوا درجاتهم على قدر كفاياتهم لجلائل الأعمال وملاقاة الأخطار.