للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطب في نظر الإسلام (١)

عُرف الإسلام بأنه يدعو إلى التوكل على الخالق -جل شأنه-، ويوجه القلوب إلى تفويض الأمور إليه في كل حال، وهو إن عد التوكل والتفويض إلى الله في جملة آدابه، لم يهمل النظر في الأسباب، وارتباطها بمسبباتها، فأذن، بل أمر بتعاطي ما دلت العقول والتجارب على أنه مجلبة خير، ونهى عن القرب مما عرف بأنه مجلبة شر، والتوكل والأخذ بالأسباب يلتقيان في نفس واحدة ما شد أحدهما بعضد الآخر: التوكل أدب نفسي يبتغى به رضا الخالق ومعونته، والأخذ بالأسباب عمل يجري على سنن الله في الخليقة، فمن وكل أمره إلى الله، ثم تعاطى أسبابه، وصل إليه من أرشد الطرق، وعاد منه بأحسن العواقب.

والطب إنما هو من قبل الأسباب التي أذن الإسلام في تعاطيها، وهو من أشرف الصناعات، وشرف الصناعة على قدر ما يترتب عليها من نفع الأمة، وتقويم أود حياتها.

ونفعُ الطب في حماية الناس، أو إنقاذهم من كثير من المهالك، أمرٌ جلي لا يحتاج إلى بسط واستدلال. ولا جرم أن يتجه الإسلام بشيء من العناية إلى الطب، ذلك أنه يريد من الأمة أن تكون عزيزة الجانب، مهيبة السلطان


(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الأول والثاني من المجلد التاسع عشر.