للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحلم وأثره في سعادة الحياة الفردية والاجتماعية (١)

ترغب النفوس في أشياء، وتنفر من أخرى، وفي النفوس طبيعة غضب تثور عند منعها مما ترغب فيه، أو عند ملاقاتها لما تنفر منه، ومن المخل بنظام حياة الأفراد والجماعات: إطلاقُ العِنان لقوة الغضب، تثور كلما منعت النفوس مما تحب، أو لقيت ما تكره، بل الحكمة أن تكون قوة الغضب خاضعة للعقل خضوعاً يجري في النفس مجرى الطبيعة، حتى لا تهيج إلا للأمر الذي ينبغي أن تهيج له، وفي الوقت الذي ينبغي أن تهيج فيه، ولا تتجاوز الحد الذي ينبغي أن تقف عنده.

ومن أبلغ أن تكون قوة غضبه منقادة للعقل، جارية على مقتضى العلم، فهو الحليم بحق.

وليس من شرط الحلم أن يفقد الرجل قوة الغضب بحيث يكون حاله أمام الإساءة وعدمها سواء، وإنما شرط الحلم: أن لا يطغى الغضب حتى يدفع الرجل إلى الانتقام، أو يمنعه من الصفح حيث يكون الصفح أولى به.

فالحليم قد يأخذه الغضب لجهل جاهل عليه، لكنه يكظم غيظه حتى لا يكون له أثر في غير نفسه:


(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء السادس من المجلد العاشر.