للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولاً، وهو: (في الدنيا)، ومتعلق السابقين الواردة ثانياً، وهو: (في الآخرة) لا تأتي للقارئ الألماني بفائدة.

وفي القرآن بعد هذا كلمات كثيرة اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من يقف دون تفسيرها، فيؤمن بأن لها معاني صحيحة، ويدع تعيين هذه المعاني إلى علم الله وحده، ومنهم من يأخذها بالتأويل، ويذكر لها معاني معقولة، ويذهب هذا الفريق في التأويل مذاهب يحتاج ترجيح أحدها على غيره إلى ذوق في لغة العرب سليم، ونظر في فهم أصول الدين مستقيم، وهذا ما يسمونه: آيات الصفات في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥].

وقد تعرض الإمام الغزالي في كتاب "إلجام العوام للأخبار الموهمة للتشبيه"، وقرر الإمساك عن التصرف في ألفاظها بتفسيرها بلغة غير عربية، وقال: "لا يجوز النطق إلا باللفظ الوارد، لأن من الألفاظ العربية ما لا يوجد لها فارسية تطابقها، ومنها ما يوجد لها فارسية تطابقها، لكن ما جرت عادة الفرس باستعارتها للمعاني التي جرت عادة العرب باستعارتها، ومنها ما يكون مشتركاً في العربية، ولا يكون مشتركاً في الفارسية".

ولما يعرض في ترجمة القرآن من الصعوبة، أجاز بعضهم ترجمة الآيات المحكمة والقريبة المعنى بمقدار الضرورة إليهما من التوحيد وأركان العبادات، وقال: لا يتعرض لما سوى ذلك، ويؤمر من أراد الزيادة على ذلك بتعلم اللسان العربي (١).

* الداعي إلى نقل معاني القرآن إلى اللغات الأجنبية:

كان المسلمون -فيما سلف- يقتحمون للسيادة كلَّ وعر، ويركبون


(١) نسبه الزركشي في "البحر المحيط" إلى بعض الأئمة المتأخرين من المغاربة.