للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقطع من المزارع يصرف لهم ريعها بعد وفاته.

وفي سنة ١٣٢٥ أدرك جسمه ضعف الكبر، ودعاه الحال يومئذ إلى تقديم استعفائه من منصبي الفتوى والنيابة بالجامع، فأعفته الدولة منهما، وأبقت له لقب مفتٍ ونائبٍ اسماً شرفياً، وعينت له في السنة أربعة آلاف وسبع مئة وأربعين فرنكاً مرتباً دائماً.

وجرى الأستاذ على العناية بأمر التدريس، وبذل المجهود في تحرير المسائل وتنقيحها بدون أن يعنى بأمر التأليف، إلا ما يقتبسه تلاميذه من تحريراته القيمة، ويضعونه على حواشي نسخهم؛ ليرجعوا إليه عند إقراء ذلك الكتاب.

وكان صاحب الترجمة ذا جبين طلق، وصدر رحيب، يقابل الأذى بالحلم، وربما ابتسم للكلمة يرمى بها، وهو شاعر بما تنطوي عليه من سوء، ولا تأخذه رفعة منصبه عن الانبساط اللفقراء والأميين، والنزول إلى محادثتهم بقدر ما يفهمون.

وله عطف على سائر المتعلمين، واعتناء بالغ بالأذكياء منهم. كما اشتهر بالمحافظة على إجلال أساتيذه، ورعاية حقوقهم حال الغيبة واللقاء.

تلقيت عن الأستاذ -رحمه الله- دروساً من "تفسير الييضاوي" (١)، ودروساً من "شرح التاودي على العاصمية"، ودروساً من "شرح الشيخ عبد الباقي على المختصر الخليلي". وكنت بعد أن استقال من منصبي الفتوى ونظارة


(١) حضرت عليه من تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ} [آل عمران: ١٥] إلى تفسير قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} [آل عمران: ١٨]، وهي الآية التي انتهى إليها الأستاذ في قراءة هذا التفسير.