للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرسلت تمثالي لها بوّاً (١) عسى ... تسلو فلا تبغي التحاقاً بالبدن

* أثر الرحلة في تعارف الشعوب:

لا ينزل الرجل الفاضل بوطن إلا التقى بطائفة من فضلائه، والشأن أن يصف لهم بعض النواحي من حياة قومه العلمية والاجتماعية، ثم إذا عاد إلى قومه، وصف لهم حال الأوطان التي نزل بها، فيكون كل من الشعوب التي رحل منها، أو نزل بها، على خبرة من حال الشعوب الأخرى.

وقد نبهنا على أن الرجل الطيب السريرة يتخذ في كل وطن أصدقاء، وهذه الصداقات تعد فيما يربط بين الشعوب الرابطة الوثيقة، وتعارف الشعوب بوسيلة العلماء والأدباء يثير في نفوسهم عواطف الائتلاف والاحترام.

وإذا كان من أفضل آثار الرحلة: عقد رابطة التعارف والتعاطف بين الشعوب، فعلى المستطيعين منا أن يخصوا البلاد الشرقية بجانب عظيم من رحلاتهم، ولو وجدوا في سبيل ذلك مشاق فوق ما يلاقونه في سبيل الرحلة إلى البلاد الأجنبية.

* أدب الرحلة:

الآداب السنية هي كمال الإنسانية، فيجب على الإنسان الاحتفاظ بها في وطنه كما يحتفظ بها في غير وطنه، ورأينا بعض الحكماء يوجهون إلى الغريب، أو من رام الغربة عنايةً خاصة، فيؤكدون عليه في الاحتفاظ بالآداب الشريفة، كما قالوا: يا غريباً! كن أديباً.


(١) البو: جلد الحوار (ولد الناقة) يحشى ثماماً أو تبناً، فيقرب من أم الفصيل، فتعطف عليه، فتدر.