للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما يكفي لردعه، وعهدت بإجراء ذلك الجزاء إلى الرئيس الأعلى، أو من يقوم مقامه، وفي إجراء ذلك الجزاء تعاون على حفظ الأعراض. والقاضي الذي لا يحقق النظر في قضايا السباب والهجاء، ولا يقرر لها جزاء وفاقاً، يعدّ فيمن لا يقدر حق صيانته الأعراض، ويلحق بمن يجهل أن العرض أعزّ على الرجل من ماله ونفسه.

ومن مقتضى التعاون على حفظ الأعراض: أن لا تترك مجلسك ميداناً يتسابق فيه الطغام إلى ثلب الأعراض، فإذا حرّك أحد لسانه بالقدح في عرض بريء أو بريئة، ألجمته بالحكمة. وكذلك يفعل الصالحون والمصلحون، قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يخذل امراً مسلماً في موضع ينتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موضع يحب فيه نصرته، وما من امرئ مسلم ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موضع يحب فيه نصرته" (١). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من ذبّ عن عرض أخيه، رد الله النار عن وجهه يوم القيامة" (٢).

ومن شواهد التعاون على حفظ العقل: أن الشريعة وضعت عقوبة على من يتناول شيئاً من المسكرات، أو يؤذي شخصاً فيزيل عقله، وعقوبةُ الأول معروفة، وعقوبةُ الثاني الديةُ كاملة، وهذه العقوبات يجريها القائمون على المصالح العامة، وإجراؤها من قبيل التعاون على حفظ العقول.

ومن مقتضى التعاون: أن تحول بين الإنسان وما يذهب بقوته العاقلة، أو يضعفها ما استطعت أن تحول، فإن كان لك سلطان، منعته بيدك الغالبة،


(١) أبو داود.
(٢) الترمذي.